Loading...
Loading...
Loading...

+967784013522

ساعات التواصل: السبت - الخميس: 9.00 صباحًا - 8.00 مساءً ، يوم الجمعة مغلق

ثقافة نفسية (78)

هلْ ترويضُ النفسِ ارتقاءَ بها وترشيدٍ لطاقاتها أمِ قمعِ لرغباتها؟

د. عبدالحافظ الخامري

يوووووهْ . . . أوووفْ . . . هؤلاءِ الكبارِ متعبينَ . . عباراتٌ نسمعها كثيرا هذهِ الأيامِ في حوارٍ معَ بعضِ الشبابِ لوحظَ أنهمْ يفهمونَ أنَ ما يريحُ النفسَ هوَ ما يجبُ فعلهُ فقطْ بغضِ النظرِ عنْ معقوليتهِ ونتائجهِ السلبيةِ. . فكثيرُ منْ الشبابِ -وبعضِ الكبارِ- ينزعجونَ منْ النصائحِ والتوجيهاتِ ويقاومونها ويعتقدونَ أنَ الناصحَ - صاحبُ العلمِ والخبرةِ - إنما يمارسُ عليهمْ دورا سلطويا ويقمعُ رغباتهمْ.. لذلكَ يقاومونها. ومرد ذلك أنهمْ يعتقدونَ أنَ ما يريحُ النفسَ ويشبعُ رغباتها الآنيةَ هوَ الأفضلُ والمرادِ، وغابَ عنهمْ أنَ يفهموا أنْ نصحَ وقسوةِ المحبِ هدفهما الارتقاءُ بالنفسِ والسموِ بها وترشيدِ طاقاتها لتحقيقِ رغباتها بشكلٍ راقٍ وسامٍ ومريح في النهاية. وغنيٌ عنْ البيانِ أنهُ كانَ للطاعةِ والامتثالِ لتوجيهاتِ ونصحَ وإرشاداتِ الكبارِ منْ الوالدينِ وذوي الخبرة قيمتها الكبيرةُ ، فكانتْ الأمورُ تسيرُ بشكلِ حسنْ . . وينتفعَ الجيلُ الجديدُ بذلكَ ممنْ سبقوهُ فتصبح خبراتهمْ كأنها خبراتهُ ، فلا داعٍ أنْ يجربَ المجربُ .. أما اليومَ فقدْ كثرتْ روافد التغذيةِ الفكريةِ والسلوكيةِ منْ وسائلِ التواصلِ الاجتماعيِ والإعلامِ المصنوعِ بشكلٍ هادفٍ لمصلحة صانعيه أكثرَ تأثيرا منْ الوالدينِ والأسرةِ والمدرسةِ والقيمِ الدينيةِ. وأصبحتْ القضايا الهامشيةُ كلاعبي كرةِ قدمٍ أوْ الممثلينَ أوْ المغنينَ همْ القدوةُ الذينَ يشكلُ الشابُ معالمَ ذاتهِ على غرارهمْ (يتوحدَ بهمْ) كونه يدركُ ما ظهرَ لهُ منْ أخبارهمْ فحسب .. لكنهُ لا يعلمُ بخبايا سلوكٍ أكثرهمْ المنحرفُ وأفكارهُ المضللةُ.. بلْ ولا يعلمُ أنَ أغلبهمْ يتقلب على جمرِ إدمانِ المخدراتِ والمسكراتِ.. أوْ واقعٍ تحتَ ضغوطِ عقودِ الاستعبادِ منْ مجموعاتٍ تعتبرهمْ عبيدْ وأدواتِ استثمارِ لها . . وهيَ التي تلمعهمْ وتطبلُ لهمْ وتشهرهمْ بطرائق إعلاميةٍ تصنعُ بطرائقِ تأثيرٍ سيكولوجيةٍ فعالةٍ لتحقيق مصالحها. ومما تقدم ينبغي التأكيدُ على أننا -كمتخصصينَ- نودُ أنْ يعلمَ هذا الجيل كيفيةَ استخدامِ عقلهِ ليفكرَ بقواعدَ منطقيةٍ بسيطةٍ وليحسبَ النصائحَ والتوجيهاتِ حسابَ ربحٍ وخسارةٍ وما تحققهُ لهُ منْ منافعَ أوْ تسببهِ لهُ منْ مضار. نريدهُ فقط أنْ ينظرَ لحاضرهِ ولمستقبلهِ لدنياهُ ولآخرتهِ بعينِ المصلحةِ الذاتيةِ بصدقٍ ويقررُ بعقلِ ما الذي سيسلكهُ. 27 - 3 - 2024